في عالم الأعمال، الأزمات أمر لا مفر منه. قد تكون أزمة مالية تهدد استمرارية الشركة، أو أزمة تشغيلية تعطل سير العمل، أو حتى أزمة سمعة تضر بسمعة المؤسسة. هنا تأتي أهمية إدارة الأزمات، التي تهدف إلى حماية الشركات من المخاطر وتقليل تأثيرها إلى أدنى حد ممكن. ولهذا على أصحاب الشركات والمؤسسات مسؤولية قيادة المهمة والتعامل مع الأزمة، ولكن ليس عليهم القيام بذلك بمفردهم. في هذه المقالة، سنتحدث عن استراتيجيات إدارة الأزمات بفعالية وكيفية تنفيذها حتى تكون شركتك مستعدة لتجاوز الأزمات والتحديات التي قد تتعرض لها.
دعني أخبرك قصة في البداية:
كانت شركة Noventra Solutions وهي شركة متوسطة الحجم متخصصة في تطوير البرمجيات وخدمات التقنية، من بين الشركات الواعدة في السوق المحلي. بفضل فريقها المبدع ومشاريعها الناجحة، حققت نمواً ملحوظاً على مدار خمس سنوات. لكن في منتصف عام 2020، كنت المفاجأة: أزمة مالية مفاجئة، وتراجع حاد في طلبات العملاء، بالإضافة إلى اضطراب سلاسل التوريد، وانسحاب عدد كبير من العملاء، زيادة المصاريف التشغيلية بسبب اضطرابات السوق. ولكن كيف تجاوز الشركة الأزمة؟ هذا ما سنتعرف عليه في نهاية المقال. الآن لنتعرف على إدارة الأزمات، وأنواعها حتى نرى كيف أن معرفة هذه الأمور ساعدت في حل أزمة هذه الشركة.
ما هي إدارة الأزمات؟
الأزمة هي حدث غير متوقع يهدد استقرار الشركة ويؤثر سلبًا على عملياتها وربحيتها. قد تكون الأزمات قصيرة الأمد، مثل انقطاع الخدمة لفترة قصيرة، أو طويلة الأمد، مثل أزمات مالية ممتدة قد تؤدي إلى الإفلاس. وتُعد إدارة الأزمات نهجًا استراتيجيًا تستخدمه الشركات للحد من التأثير السلبي للأزمة وضمان رفاهية الموظفين. يعد التخطيط الجيد للأزمات أمرًا حيويًا للتخفيف من المخاطر أثناء هذه التحديات والحفاظ على استمرارية الأعمال.
أهمية إدارة الأزمات في الشركات والمؤسسات
في عالم الأعمال اليوم، تعتبر إدارة الأزمات هي أحد الحلول التي تحدد مدى قدرة الشركات والمؤسسات على البقاء و الاستمرار في النمو والازدهار في ظل الظروف والأزمات المتغيرة . فتساعد إدارة الأزمات الشركات على:
الحفاظ على استمرارية الأعمال
إحدى مميزات إدارة الأزمات أنها تساعد على استمرارية العمليات التشغيلية والأعمال داخل الشركات والمؤسسات. حيث من الممكن أن تسبب الأزمات التي لم يتم إدارة والتخطيط لها في اضطرابات كبيرة تؤثر على جميع جوانب العمل، بداية من الإنتاج إلى التوزيع، وقد تؤدي إلى توقف العمليات بشكل كامل. من خلال وضع خطط طوارئ شاملة تتضمن تحديد المخاطر المحتملة ووضع استراتيجيات للتعامل معها، بالإضافة لتدريب الموظفين على كيفية التعامل مع الأزمات أو مع أي موقف طارئ، يساهم في تجاوز الأزمة التي تمر بها شركتك وتقليل الخسائر المادية والمعنوية المحتملة.
الحفاظ على سمعة الشركة
التعامل الفعال مع الأزمات يعزز سمعة الشركة ويكسب احترام العملاء والشركاء. وعلى العكس الاستجابة الضعيفة تفقد الثقة وتضر بالسمعة، مما يؤثر سلباً على العلاقات مع العملاء والمستثمرين. فإدارة الأزمات جزء حيوي من إدارة الأعمال، حيث تساعد في التعامل مع الأوقات الصعبة، و تحافظ على سمعة العلامة التجارية وتزيد ثقة العملاء.
تحسين القدرة على التكيف مع المتغيرات
إدارة الأزمات تساهم بشكل كبير على التكيف ومواكبة التغيرات السريعة التي تحدث في بيئة الأعمال. من خلال التعلم من التحديات والتجارب السابقة، يمكن للشركات تعزيز روح التطوير والابتكار وزيادة المرونة وتبني استراتيجيات جديدة للتعامل مع تحديات المستقبل بشكل أكثر كفاءة وفعالية. مما يمكن الشركة من النجاح والاستدامة.
تعزيز ثقة العملاء والمستثمرين
العمل على إدارة الأزمات في الشركات يحسّن من سمعة العلامة التجارية في السوق بين المنافسين. حيث تقل الأزمات التي تتعرض لها وبالتالي تزداد ثقة العملاء، وتتحسن مكانة العلامة التجارية. كما أن التواصل المستمر والفعال مع العملاء والمستثمرين وتوضح الحقائق والمعلومات الصحيحة حول الأزمة يعزز الثقة ويترك انطباعًا بأن الشركة تعمل بجدية على حل الأزمة.
اتخاذ القرارات
تساهم خطة إدارة الأزمات الفعالة بشكل كبير في تمكين الشركات من اتخاذ قرارات سريعة و مستنيرة في أوقات الأزمات. فعندما تكون هناك إجراءات واستراتيجيات محددة ومدروسة مسبقًا، يتم تزويد القادة والموظفين بإرشادات واضحة ومفصلة للتعامل مع مختلف الأزمات أو التحديات المحتملة. هذا الأمر يقلل بشكل ملحوظ من التردد والتخبط الذي قد يصاحب اتخاذ القرارات في ظل الظروف الصعبة.
أنواع الأزمات التي تواجه الشركات
هناك عدة أنواع من الأزمات التي تحتاج إلى اهتمام بالغ، مع وضع إدارة الأزمات في الاعتبار:
1. الأزمة المالية
يمكن أن تتسبب المشكلات المالية في مشاكل لشركتك، مما يجعل من الصعب سداد الفواتير أو تغطية الديون. يمكن أن تنشأ الأزمات المالية من خسارة الإيرادات، أو التضخم، أو مواجهة الإفلاس، أو انهيار السوق، أو التقلبات غير المتوقعة في السوق . على سبيل المثال، يمكن أن تجعلك مواقف مثل فقدان ثلاثة عملاء رئيسيين تعاني من ضائقة مالية، مما يؤدي إلى مشاكل في التدفق النقدي. لا يتعلق الأمر بالمال فقط، حيث قد تتأثر خدمة العملاء لديك، وقد تغادر أفضل مواهبك. لتجنب هذا، كن استباقيًا في بناء علاقات استراتجيات مع المستثمرين وأصحاب الأعمال، وقم أيضًا بتغيير أسلوب عملك، واستكشف أسواقًا جديدة، واحصل على خطة قوية لتجاوز تلك الأزمة.
2. الأزمة التكنولوجية
تعتبر الأعطال التكنولوجية، سواء كانت في الأجهزة أو البرامج، أو حتى التوقف الصناعي، تهديدًا كبيرًا لاستمرارية الأعمال. يمكن أن تؤدي هذه الأعطال إلى خسائر مالية فادحة، خاصة في قطاع الإنترنت، حيث يمكن أن يتسبب تعطل الخوادم في فقدان كبير للإيرادات.
كما أنه في ظل التطور التكنولوجي السريع، يمكن للمنافسين استغلال أي فرصة لتحسين الكفاءة وخفض التكاليف، مما قد يؤدي إلى فقدان حصة سوقية، ولهذا يجب على الشركات الاستعداد لمواجهة هذه الأعطال من خلال وضع أنظمة نسخ احتياطي قوية وتوفير خدمة عملاء ممتازة، لحماية سمعة الشركة وتعزيز ثقة العملاء.
3. أزمة الموظفين
الموظفين يشكلون أهمية بالغة لعملياتك اليومية ويمكنهم أن يطوروا أو يدمروا أعمالك. وأي تصرف خاطئ من جانبهم يمكن أن يضر بسمعة شركتك ويمكن أن يؤدي إلى أزمة كاملة في العمل. سواء كان ذلك في العمل أو خارج ساعات العمل، إذا كانت تصرفات الموظف خارجة عن المألوف، فمن المستحسن أن تسمح لفريق الموارد البشرية بالتدخل. فعندما تكون شركتك في ورطة بسبب سلوك موظف سيئ، فإن الأمر كله يتعلق بالحصول على خطة ذكية تواجه المشكلة وجهاً لوجه. كما أن فكرة إحضار وسطاء لإدارة الصراعات والنزاعات مثل مستشارين الأعمال لحل أي نوع من الأزمات مع الموظفين، أو أصحاب المصلحة من المستثمرين والمساهمين، فذلك أفضل قرار لحماية حقوق جميع الأطراف.
4. الأزمة التنظيمية
إن التعامل مع الأزمات التنظيمية تشبه التعامل مع المياه العاصفة. وعادة ما يحدث هذا عندما تتعمد الشركات على خداع عملائها. من خلال تتلاعب الشركات عن عمد بالمعلومات العامة، أو المغامرة والعمل بأنشطة غير قانونية لتحقيق مكاسب مالية، أو تحرف القيم حيث تتجاهل الشركة التقدم الاجتماعي والمستثمرين وتجربة العملاء من أجل الحصول على أموال سريعة. إذن، ما هو الحل؟ الأمر كله يتعلق بالتحول الثقافي. قم بتحويل ثقافة شركتك من خلال إعطاء الأولوية للشفافية ورضا العملاء والقيم. غالبًا ما تنشأ هذه الأزمات من تجاهل العملاء، لذا قم ببناء ثقافة تستثمر فيهم. عند إعادة تشكيل ثقافة مؤسستك، يرجى البدء بمرحلة التوظيف، وجلب أعضاء الفريق الذين يتشاركون نفس القيم و تدريبهم باستمرار لضمان توافقهم مع أهداف شركتك.
خطوات عملية إدارة الأزمات
- تحديد الأزمة: تتضمن هذه الخطوة تحليل وتقييم المخاطر الاكتشاف العلامات المبكرة للأزمة واتخاذ الإجراءات الوقائية ووضع خطة الإدارة الأزمات.
- تحديد الهوية: عند الوقوع في أي أزمة، يجب التحرك بسرعة لتحديد طبيعتها وتقييم مدى خطورتها وتأثيرها المحتمل. الكشف المبكر للأزمة يمنحنا فرصة أكبر للتعامل معها بفاعلية والحد من تفاقمها.
- الاستجابة: تشمل مرحلة الاستجابة التعامل مع الأزمة باتخاذ قرارات سريعة وصحيحة. من خلال تحليل أسباب الأزمة ووضع خطة سريعة وفعالة، والتواصل مع أصحاب المصلحة لتخفيف الأضرار.
- ما بعد الأزمة: بعد السيطرة على الأزمة المباشرة، يجب التركيز إلى استعادة العمليات التشغيلية بتدريج، وذلك الإصلاح الأضرار، وإعادة الوظائف ودعم الموظفين المتضررين.
- التقييم والتعلم: بعد انتهاء الأزمة، يجب تحليل الأداء والتعلم من الأخطاء لمنع حدوثها مستقبلًا.
ولأن الشركة التي في الأعلى عندما تواصلت مع المكتب الاستشاري قبل البدء في الأعمال لمعرفة أفضل الطرق لنجاح واستدامة الأعمال، علمت ما بما تم ذكره عن إدارة الأزمات، وأنواع الأزمات وخطوات التعامل معها بما يناسب النشاط من البداية، ومن خلال خطة الطوارئ الشاملة من قبل المكتب لضمان استمرارية واستدامة الأعمال في حالة التعرض لأي أزمة. فعندما وقعت في الأزمة المالية، بدأت الشركة في الفور على تطبيق الخطة التي تم وضعها مسبقاً. فقمت باستخدام الاحتياطي النقدي لتغطية رواتب الموظفين، وبدأت في حملات تسويقية جديدة تستهدف قطاعات مختلفة بحلول مرنة وفعّالة من حيث التكلفة. تم الاستفادة من نظام العمل عن بُعد والتحول الرقمي بسرعة ، واستمرت الأعمال دون انقطاع. حتى الموظفين الذين كانت طبيعة عملهم ميدانية تم دمجهم في مشاريع دعم فني وتطوير داخلي. وهكذا نالت الشركة ثقة أكبر في السوق، وأصبحت نموذجاً يُدرّس في مرونة الأعمال.
وفي النهاية، يمكننا القول بأن إدارة الأزمات ليست مجرد استجابة للحالات الطارئة، فهي تتطلب تخطيط استراتيجي مستمر لضمان استعادة قدرة الشركة على التعافي والازدهار. فالشركات التي تستثمر في بناء استراتيجيات قوية لإدارة الأزمات تكون أكثر قدرة على تجاوز الأزمات بأقل الخسائر كما هو الحال في شركة Noventra Solutions. ولأن الأزمات تختلف وكذلك طرق التعامل تتنوع على حسب نوع نشاط الشركة. لذلك نحن في مجموعة المستشار سلطان الحكمي نساعدك في إدارة الأزمات المالية، وغيرها من الأزمات التي قد تتعرض لها، لتجاوزها بأقل الخسائر. كما أننا نمكنك من بناء علاقات عامة قوية مع المستثمرين ورواد الأعمال لضمان نجاح واستمرارية الأعمال. لهذا إذا كان لديك شركة أو مؤسسة وترغب في وضع خطة واستراتيجية لمواجهة المخاطر والتغييرات التي قد تحدث في المستقبل، لا تتردد في التواصل معنا لحجز استشارة لبناء استراتيجية قوية تساعدك على نجاح واستدامة أعمالك.