في عالم اليوم المتغير بسرعة، لم تعد استدامة الأعمال ترفًا بل أصبحت ضرورة حيوية لضمان بقاء الشركات ونموها، خاصة للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تُعد العمود الفقري للاقتصاد. فهل تساءلت يومًا كيف يمكن لاستدامة الأعمال للشركات الصغيرة والمتوسطة أن تضمن استمراريتها رغم التحديات الجسيمة؟ هذا ما سنتعرف عليه
ما هي استدامة الأعمال للشركات الصغيرة والمتوسطة؟
تُعزز استدامة الأعمال مرونة الشركات، مما يُمكنها من التكيف مع التغيير بشكل أفضل. الشركات المستدامة مُستعدة للمستقبل لأنها قدرها على خلق قيمة مالية طويلة الأجل، والحد من تأثيرات أفعالهم على البيئة الطبيعية ومحاولة تقليل آثارها، وترى هذه الشركات أن هناك روابط بينها وبين الآخرين على سبيل المثال، الموظفين والمجتمع، وتساهم في التغيير الاجتماعي الإيجابي. وتتجاوز هذه الشركات الأهداف المالية قصيرة الأجل وتأخذ في الاعتبار الآثار البيئية والاجتماعية سواء في عملياتها اليومية أو عند القيام باستثمارات طويلة الأجل. من نواحٍ عديدة، تُعد الشركات الصغيرة والمتوسطة رائدة في مجال الاستدامة. فارتباطها الوثيق بالعملاء والموظفين والموردين، وتكاملها مع الحياة، يُمكنها غالبًا من التفوق على الشركات الكبيرة في فهم المجتمعات والبيئة الطبيعية. وتُعد الاستدامة وإرث الشركة جزءًا لا يتجزأ من الأنشطة اليومية للشركات الصغيرة والمتوسطة، حتى وإن لم تُسمها استدامة.
أهمية استدامة الأعمال للشركات الصغيرة والمتوسطة
الاستدامة عامل حيوي لنجاح الشركات الصغيرة والمتوسطة واستمرارها على المدى الطويل. من خلال تبني الاستدامة، يمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة فتح العديد من الفرص، مثل خفض التكاليف التشغيلية من خلال الاستخدام الفعال للموارد، وبناء سمعة تجارية مرنة، والوصول إلى أسواق جديدة من خلال جذب المستهلكين المهتمين بالبيئة. علاوة على ذلك، مع استمرار تزايد المخاوف بشأن تغير المناخ ومحدودية الموارد، يطالب العملاء والمستثمرين والهيئات التنظيمية بمزيد من الشفافية والمساءلة من الشركات. في هذا السياق، يمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة أن تقود الطريق في ممارسات الأعمال المستدامة، مما يحدث فرقًا ملموسًا ليس فقط في أدائها المالي ولكن أيضًا في رفاهية الكوكب والمجتمعات التي تخدمها.
التحديات التي تواجه استدامة الشركات الصغيرة والمتوسطة
نقص الموارد المالية: أحد أكبر العوائق هو قلة الموارد المالية التي تحد من قدرة الشركات على الاستثمار في مبادرات الاستدامة.
ضعف الخبرات الإدارية: غياب الخبرة في تطبيق معايير الاستدامة قد يؤدي إلى اتخاذ قرارات غير مدروسة تؤثر سلبًا على العمل.
تقلبات الأسواق العالمية: التغيرات المفاجئة في الأسواق مثل ارتفاع الأسعار أو الأزمات الاقتصادية تشكل خطرًا على قدرة الشركات الصغيرة على الاستمرار.
كيف يمكن التغلب على التحديات؟
تحديد الأهداف:
يمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة أن تبدأ رحلتها نحو الاستدامة بمواءمة ممارساتها التجارية مع أهداف التنمية المستدامة، وذلك من خلال دمج هذه الأهداف في القيم الأساسية للشركة، وبيانات رسالتها، وخططها الاستراتيجية. فإذا كانت الشركة الصغيرة والمتوسطة لا تمتلك الإمكانيات المالية، فإن الاستعانة بطرف ثالث لمساعدتها في جهود الاستدامة قد يكون حلاً فعالاً لمعالجة هذا النقص.
ممارسات الحوكمة:
يمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة الاستفادة من الاطلاع على ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في الشركات المماثلة، وصياغة سياسات تتوافق مع معايير القطاع؛ وهو أمرٌ يُمثل تحديًا في الوقت الحالي نظرًا لعدم إلزام الشركات الصغيرة والمتوسطة بتقديم التقارير. قد تتمكن هذه الشركات من استلهام الإلهام من الشركات الأكبر حجمًا، إلا أن أهدافها ومبادراتها قد لا تكون مناسبة للشركات الصغيرة. عندما يصبح تقديم التقارير إلزاميًا لجميع الشركات، ستقل هذه الصعوبة.
إشراك الموظفين وشمولهم:
يمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة تمكين موظفيها من المساهمة في جهود الاستدامة. ويشمل ذلك برامج تدريبية حول الحفاظ على البيئة، ومبادرات التنوع والشمول، ودعم القضايا الاجتماعية. ومن خلال تعزيز ثقافة عمل تُقدر الاستدامة، لا تُسهم الشركات الصغيرة والمتوسطة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالعمل والنمو الاقتصادي فحسب، بل تجذب أيضًا الكفاءات المسؤولة اجتماعيًا.
الشراكات والتعاون:
التعاون أساسي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. يمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة بناء شراكات مع شركات أخرى، ومنظمات غير حكومية، وهيئات حكومية لتعزيز أثرها. يمكن أن تؤدي الجهود المشتركة إلى موارد مشتركة، وتبادل المعرفة، وتطوير حلول مبتكرة. من خلال العمل معًا، يمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة مواجهة تحديات معقدة تتجاوز نطاق عمل كل مؤسسة على حدة.
مبادرات المسؤولية الاجتماعية للشركات:
يُعد الانخراط في مبادرات المسؤولية الاجتماعية للشركات الهادفة وسيلةً فعالة للمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وغالبًا ما تُحقق هذه الأهداف تحسينات إيجابية ملموسة دون الحاجة إلى ميزانية كبيرة أو استثمار موارد كبيرة. ويشمل ذلك دعم المجتمعات المحلية، وتعزيز التعليم، والاستثمار في الرعاية الصحية. ومن خلال المشاركة الفعالة في المبادرات التي تتوافق مع أهداف التنمية المستدامة، لا تُحدث الشركات الصغيرة والمتوسطة تأثيرًا إيجابيًا فحسب، بل تُعزز سمعتها وتُبني علاقات متينة مع أصحاب المصلحة.
فوائد استدامة الأعمال للشركات الصغيرة والمتوسطة
تُعد استدامة الأعمال للشركات الصغيرة والمتوسطة أمراً بالغ الأهمية في تحقيق أهداف الاستدامة، وانتشارها عالمياً، وقدرتها على الابتكار، وقدرتها على التكيف في تبني ممارسات الاستدامة. كما أن لها تأثيرًا إيجابيًا على المجتمعات المحلية وسلاسل التوريد. ومن فوائدها مايلي:
تعزيز القدرة التنافسية: الشركات المستدامة تتمتع بميزة تنافسية قوية، لأنها تقدم قيمة مضافة للعملاء الذين أصبحوا أكثر وعيًا بالمسائل البيئية والاجتماعية.
بناء سمعة قوية في السوق: الالتزام بالاستدامة يعزز من سمعة الشركة ويزيد من ولاء العملاء، مما يفتح أمامها فرصًا أكبر للنمو.
تحسين العلاقات مع العملاء والمجتمع: عندما تُظهر الشركة اهتمامها بمصلحة المجتمع والبيئة، فإنها تبني علاقات قائمة على الثقة، مما يسهل عليها التوسع وكسب المزيد من العملاء.
تعزيز الكفاءة التشغيلية: يمكن أن يؤدي تبني ممارسات مستدامة إلى توفير كبير في التكاليف من خلال تحسين كفاءة الطاقة، وتقليل النفايات، وتحسين استخدام الموارد. ومن خلال دمج الاستدامة في عملياتكم، يمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة تحقيق وفورات كبيرة في التكاليف، وتحسين الكفاءة، وبناء أعمال مرنة ومستقبلية.
جذب المواهب والاحتفاظ بها: تتزايد أهمية الاستدامة للموظفين. غالبًا ما توفر المباني المستدامة بيئات صحية ومريحة، مما يعزز رفاهية الموظفين و إنتاجيتهم، كما تساهم في تحسين جودة الهواء والإضاءة الطبيعية والمساحات الخضراء في تحسين بيئة العمل.
تلبية المتطلبات التنظيمية : مع تطور اللوائح المتعلقة بالمعايير البيئية، يُمكن للالتزام التام بها أن يمنع الغرامات والمشاكل القانونية المحتملة. تضمن الممارسات المستدامة الامتثال للوائح الحالية والمستقبلية، مما يوفر ميزة تنافسية.
بناء أعمال مرنة: تساعد الممارسات المستدامة على بناء القدرة على مواجهة المخاطر البيئية وتقلبات السوق. إن الالتزام بالاستدامة يُحسّن صورة علامتك التجارية وجذب عملاء وشركاءً مُهتمين بالبيئة. وهذا بدوره يُؤدي إلى فرص عمل جديدة وزيادة ولاء العملاء.
تلبية توقعات المساهمين: يؤثر تبني ممارسات أكثر استدامة أيضًا على الجاذبية المالية للشركات الصغيرة. يتزايد إلحاح المساهمين على الشركات لمعالجة الاستدامة، كما لاحظت شركات إن وجود استراتيجية استدامة متينة وطويلة الأجل من شأنه أن يعزز وضعها المالي ويضمن لها الحصول على التمويل والمستثمرين، بالإضافة إلى زيادة جاذبيتها مقارنةً بمنافسيك، وكما هو الحال مع عملائك، يرغب المساهمون في الشعور بالرضا عند استثمارهم. لذا، فإن تلبية احتياجاتهم العاطفية، بالإضافة إلى تقديم عائد جيد على استثماراتهم، من شأنه أن يعزز وضعك المالي.
كيف يتم تحقيق استراتيجيات الاستدامة؟
يُتيح تبني ممارسات الاستدامة مزايا اقتصادية جمة للشركات الصغيرة والمتوسطة. ولذلك لابد من التخطيط الاستراتيجي المناسب لنشاطك عن طريق الاستعانة بخبراء ومتخصصين في مجال الاستدامة وتطبيقها. مجموعة المستشار سلطان الحكمي للاستدامة الاقتصادية التي تضم عدد كبير من مستشاري الأعمال والخبراء في تطوير الأعمال ووضع استراتيجيات تساهم في الاستدامة والنمو، وتؤدي الممارسات المستدامة إلى زيادة الكفاءة، مما يسمح للشركات الصغيرة والمتوسطة بتبسيط عملياتها، وتقليل المخاطر وتحسين الإنتاجية. نساعدك على بناء استراتيجيات مستدامة من خلال:
تخطيط مالي دقيق: نقوم بوضع خطط مالية مرنة ومدروسة، مما يسمح للشركة بمواجهة الأزمات والاستثمار في مشاريع استدامة تدريجية.
تبني تقنيات صديقة للبيئة: نساعدك على تبني أفكار وتقنيات متطورة مثل: استخدام الطاقة النظيفة، تقليل استهلاك الموارد الطبيعية، والاعتماد على التصنيع المستدام مما يساهم بشكل كبير في تحقيق الاستدامة.
بناء ثقافة تنظيمية مستدامة: غرس قيم الاستدامة في ثقافة العمل يضمن مشاركة الجميع في تحقيق الأهداف المستدامة، من الموظفين إلى الإدارة العليا.
ومن خلال تبني استراتيجيات الاستدامة تعمل الشركات الصغيرة والمتوسطة كمحفزات للتغيير المنهجي، ومن خلال مشاركتها الفعالة في جهود الاستدامة العالمية ومواجهة التحديات البيئية والاجتماعية، فإنها تلعب دورًا حيويًا في خلق مستقبل أكثر استدامة ومرونة لكوكب الأرض. احجز استشارتك معنا
وفي النهاية، استدامة الأعمال ليست مجرد توجه عصري، بل هي شرط أساسي لبقاء الشركات الصغيرة والمتوسطة على قيد الحياة في بيئة تنافسية قاسية. كل خطوة نحو الاستدامة اليوم، تضمن لك مستقبلًا أكثر أمانًا وربحية. لا تنتظر، ابدأ رحلتك نحو استدامة أعمالك الآن!
